غالباً ما تتم مقارنة تداول العملات المشفرة بالمراهنة، وذلك يعود إلى عنصر المخاطرة المشترك بينهما. في الواقع، هناك بعض التشابهات الأساسية في طريقة عمل كل منهما. حيث في المراهنة، تتواجد تكلفة ضمنية لوضع رهان، يسمى الهامش، في حين أن هذا الأمر يعرف باسم الانتشار في مجال التداول. لهذا، فإن معرفة ما يعنيه الانتشار تماماً يعتبر أمراً ضرورياً حتى تزيد خبراتك في مجال التداول.
إن العديد من الأشخاص الذين يتداولون العملات المشفرة يتطلعون إلى الكشف عن الشيء التالي الكبير قبل أن ينفجر في وجههم. تكمن المشكلة في أنه عندما يتم إطلاق عملة مشفرة للمرة الأولى، سيكون هناك نشاط تداول قليل للغاية. من ناحية التداول، يعتبر هذا السوق غير فعالاً، وذلك يعود إلى وجود فجوة كبيرة بين السعر الذي يريد الناس شراؤه وبين السعر الذي يريدون البيع به، وتسمى هذه الفجوة.
مفهوم كفاءة السوق
يمكن تبسيط هذا المفهوم إذا تخيلت أنك أطلقت عملة مشفرة جديدة وأسميتها على سبيل المثال Btcaraby Coin، وأصدرت منها حوالي مليون قطعة نقدية. من الممكن أن تقدر قيمة العملة بمبلغ 1 يورو، وترغب في بيع 10% منها بهذا السعر، لتتفاجأ بعدد قليل من الأشخاص الذين يعلمون بها. لكن يوماً بعد يوم، سيبدأ الأشخاص بإظهار اهتمامهم لكن بمستويات متنوعة من الثقة في هذه العملة.
إقرا أيضًا: تكاليف شراء العملات الرقمية
أمثلة عن أوامر البيع
بناء على ما سبق، من الممكن أن تكون هناك أوامر للبيع مثلًا:
بما أنك الشخص الذي أطلق هذه العملة المشفرة الجديدة، ستكون أنت البائع الوحيد حالياً الذي يريد بيع العملة بقيمة 1 يورو، لهذا، إن لم يكن صاحب العرض A على استعداد لزيادة عرضهُ عن 0.75 يورو، سيكون خيارك الوحيد هو الحصول على هذا العرض وبيع العملة بالسعر الذي فرضه A.
بعد أن اشترى A العملة بمبلغ 0.75 يورو، يمكن لهذا الشخص تحقيق ربح عن طريق بيع 100 ألف عملة من Btcaraby Coin لشخص آخر بسعر أعلى من السعر الذي اشتراها به، 0.76 على الأقل (يعرف هذا الشيء بالمزايدة أو BID). في الوقت الحالي وبعد أن عرض A العملة بهذا السعر، وأتاه عروض مختلفة أقل من السعر المطلوب، ما لم يغير B و C رأيهم، يمكن اعتبار سعر 0.70 يورو هو أفضل عرض لشراء، وأي مشارك جديد في السوق يحتاج فقط إلى تقديم 0.71 يورو ليكون أفضل عرض (يعرف بأنه السعر الذي يرغب البائعون ببيع العملات المشفرة به أو Ask، مع ذلك ما يزال أقل من بكثير من العرض الذي يكون البائع A على استعداد لقبوله.
إضافة سيولة إلى السوق
يبدو السوق كما يلي:
مع وجود عدد قليل للغاية من المشاركين في السوق، فإن الطريقة الوحيدة التي يمكن لأي شخص عن طريقها إجراء صفقات رابحة هي الشراء والبيع بالسعر المتاح /أو انتظار المزيد من الأشخاص لتقديم المزيد من الطلبات او العروض.
هذا ما يعرف بإضافة سيولة إلى السوق، إن هذا الأمر يغلق الفجوة بين أدنى سعر يرغب شخص ما في شرائه وأعلى سعر يرغب شخص ما في بيعه، وهذا ما يشير إليه مصطلح الانتشار. وبالتالي، فإن العملية السابقة تضيف تكلفة ضمنية إلى التداول، وهي تكلفة تحقيق ربح لاحق. يمكنك حساب الانتشار على النحو التالي:
الانتشار Spread= أدنى سعر طلب – أعلى سعر بيع، كنسبة مئوية: (فرق السعر/أقل سعر طلب)×100.
“إن الانتشار هو سد الفجوة بين أدنى سعر يرغب شخص ما شراؤه وأعلى سعر يرغب شخص ما في البيع به، ويجب أن يؤخذ تقييم هذا الأمر بالحسبان في العمولة الصريحة التي يتم فرضها على تنفيذ الصفقة”.
إقرا أيضًا: كيفية تخزين عبارة الاسترداد
أهمية الانتشار في تجارة العملات الرقمية
الانتشار كما ذكرنا سابقاً هو سد الفجوة بين أدنى سعر يريد شخص ما شراؤه وأعلى سعر يريد شخص ما البيع به، ويجب أن يؤخذ بالحسبان العمولة الصريحة التي يتم فرضها على تنفيذ التداول أو الصفقة. لذا، عندما يكون هناك سوق نشط، مثل العملات المشفرة الأساسية، مع وجود العديد من الأشخاص الذين يرغبون في التداول بكميات متساوية بين البيع والشراء، ستكون هذه الفجوة صغيرة للغاية.
تعتبر هذه التكلفة ضمنية لأنك فقط تشعر بالتأثير في التداولات اللاحقة، حيث إن العملات المشفرة التي اشتريتها يجب أن تزداد فوق مستوى الانتشار، بدلاً من السعر الذي اشتريته به، حتى يتم تحقيق الربح.
كما ذكرنا سابقاً، فإن انتشار العملات المشفرة عالية التداول يعتبر ضئيلاً – جزء بسيط من واحد في المئة – إلا أنه يزداد بالنسبة للعملات المعدنية المغمورة أكثر لهذا، يصبح من المناسب إن كنت تعتقد أنه يمكنك إجراء عملية تداول رائعة المرة القادمة.
إضافة انتشار مصطنع
إن بورصات العملات المشفرة تعمل عن طريق الجمع بين المشترين والبائعين، بالإضافة إلى تسهيل التبادل بأفضل سعر متاح لكلا الجانبين. إن الانتشار يعتبر النتيجة الطبيعية لمقدار السيولة المتاحة، وسوف تحفز البورصة كبار المتداولين على الحضور وتوفير السيولة من خلال تقليل العمولة مع زيادة المبلغ المتداول.
إلا أن البورصات لا تحتكر تداول العملات المشفرة، فهم على استعداد للعمل مع أطراف ثالثة والوسطاء الذين يجذبون العملاء الراغبين في شراء العملات المشفرة، ولا يريدون التعامل بشكل مباشر مع السوق.
السوق المصطنع
يمكن للوسيط تطبيق الانتشار الخاص به كوسيلة من أجل زيادة أرباحه، أو تقديم سوق مركب أو اصطناعي يسمى (CFD) أو ما يطلق عليه اسم عقد مقابل الفروقات، وهو مجرد نسخة اصطناعية من السوق الحقيقية.
إقرا أيضًا: روبن هود للتداول والاستثمار
إن نهج الانتشار المتضخم هذا هو ما يحدث مع مجموعة كبيرة جداً من تطبيقات الخدمات المالية التي تقدم خيار شراء العملات المشفرة الآن، على سبيل المثال منصة RobinHood وأيضاً عن طريق PayPal، وهو النموذج الذي يستخدمه موقع Coinbase، في حين أن التبادل الحقيقي حيث تحدث التداولات يكون في موقع Coinbase Pro.
إن المقارنة مع المراهنة تعتبر الآن منطقية نوعاً ما، وذلك لأن الانتشار هو تكلفة ضمنية، تماماً كما توجد تكلفة ضمنية من أجل وضع رهان، وهذا الأمر الذي لا تدركه الغالبية العظمى من المراهنين تماماً. إنه الفرق بين الاحتمال الأساسي لحدث ما (احتمالات عادلة/فعالة)، والاحتمال الضمني من خلال الفرص التي يقدمها صانع المراهنات. أفضل مثال على ذلك:
- الاحتمال الحقيقي: القمة: 0.5، القاع: 0.5
- الاحتمال بالنسبة المئوية: 50% / 50 %
- الاحتمالات العشرية العادلة: القمة: 2.0/ القاع: 2.0
- مثال على فرص المراهنات: القمة 1.90/ القاع 1.90
- النسبة المئوية الضمنية: 53% / 53%
- الاحتمال الضمني: الرأس: 0.53 / الذيل: 0.53
إن أسواق المراهنة التي تقدمها البورصة تميل إلى الاحتمال الحقيقي بالإضافة إلى الاحتمالات ذات الكفاءة الكاملة مع زيادة السيولة. تماماً مثل بورصات العملات المشفرة، فإن أسواق المراهنة التي يقدمها صانعوا المراهنات ذات الاحتمالات الثابتة (بشكل افتراضي) تمتلك هامشاً مدمجاً إلى جانب تكلفة وضع رهان، ويتم تطبيقها بنفس الطريقة التي يضيف بها وسيط العملات المشفرة “الانتشار” من أجل ضمان الربح.
لذا، إن كنت ترغب في أخذ التداول أو المراهنة على محمل الجد، عليك أن تضع في اعتبارك تأثير الانتشار في الربحية على المدى الطويل.
